من لاجئات إلى نازحات في الشوارع... النساء السوريات تحت وطأة الغارات في لبنان

كأنه كُتب على النساء أن يكتوينَ بنار الأزمات، وأن يواجهنَ الهجرة والنزوح واللجوء، ويدفعنَ أثماناً باهظة في حروب تقودها مصالح الدول والجماعات، وأن يتحملنَ وِزرَ ما يشهد العالم من نزاعات غالباً ما تفضي إلى الدمار والفوضى.

فاديا جمعة

بيروت ـ في لبنان، تبدو الأمور أكثر قتامة، ليس مع ما تواجه المرأة اللبنانية من تبعات النزوح القسري وحسب، وإنما ما تواجه النساء السوريات أيضاً، وهن النازحات أصلاً من قراهن وبلداتهن من مختلف المدن السورية، ويواجهن اليوم نزوحاً جديداً.

عائلات سورية تقطعت بها السبل من جنوب لبنان مروراً بصيدا وصولاً إلى بيروت، أما العودة إلى سوريا فدونها محاذير، ذلك أنهم يتهيبون هذه الخطوة خوفاً من تعرضهم للاعتقال والزج بهم في السجون، وهنا تتوجس النساء السوريات خيفة على أولادهن وأزواجهن وأطفالهن، فيما يتعرضن اليوم لشتى أشكال الإذلال والقهر.

هرباً من الغارات الإسرائيلية على غرار اللبنانيين، اضطرت لاجئات سوريات في لبنان إلى النزوح من الجنوب نحو مناطق ومدن مجاورة بعيدة نسبياً عن دائرة القصف الإسرائيلي، بدون أي خطط مسبقة، وضمن خيارات محدودة سلكنَ مع عائلاتهن طريقهنَّ بحثاً عن الأمن والأمان.

في مدينة صيدا (جنوبي لبنان) رصدنا تجمعاً كبيراً للنازحين السوريين قارب الـ 100 عائلة من مختلف الفئات والأعمار في أحد المواقف الخاصة، وهم في الباصات بالقرب من ساحة النجمة، وقال أحد المتواجدين في هذا التجمع "لقد سدت في وجهنا الأبواب وطردنا من المدارس والساحات العامة".

وتجدر الإشارة إلى أنه تم التغرير بالنازحين ونقلهم في باصات إلى مجمع "البيال" في بيروت، ومن ثم تم نقلهم إلى ساحة "الشهداء"، ومنها إلى منطقة "الكولا" التي ما إن تعرضت للقصف حتى هددوا أصحاب الباصات بتكسيرها، مطالبين بإرجاعهم إلى صيدا وهكذا كان.

ويذكر في هذا المجال أن المدارس الرسمية فتحت كمراكز إيواء للمواطنين اللبنانيين حصراً!

ولم يتلقَّ هذا التجمع سوى بعض المساعدات من الجمعيات الأهلية وبعض الأهالي في الطعام والملبس وبعض الفرش والأغطية، فيما ناشدت المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين للتحرك وتقديم الدعم الفوري لهم، وعبروا عن حجم الكارثة الإنسانية التي يعيشونها بدون مأوى، مع غياب كافة مقومات الحياة الأساسية والضرورية، منها المراحيض والغذاء والمياه والطبابة.

وأجمعوا على أنهم لن يستطيعوا التوجه إلى سوريا حتى بعد صدور قرار العفو العام وفتح المعابر، لعدم ثقتهم في هذا القرار وخوفاً من اعتقالهم أو قتلهم.

هذا مشهد من مشاهد كثيرة يعيشها السوريون وهم تحولوا من لاجئين إلى لبنان إلى نازحين في قلب لبنان، فيما تتبدى أكثر معاناة النساء السوريات النازحات، وهن تكابدن المشقات بحثاً عن فسحة أمان يبدو أنها ضاقت كثيراً، فيما لبنان اليوم تحت القصف، وفي أوج حرب ضروس يدفع ثمنها الأبرياء، والنساء حكماً!